التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بازار فيلة: أسواق مليئة بمشغولات الحرفيين المهرة تمثل جوهر الحضارة المصرية الفرعونية

كتب:يوسف احمد

قبل استكشاف تفاصيل نقوش وأساطير معبد فيلة والدخول إلى أرضه المقدسة، تظهر لوحة أخرى لا تقل سحرًا وجاذبية؛ فبين عراقة التاريخ وحيوية الحاضر، يمتد بازار فيلة كجزء أصيل من المشهد التاريخي، يجسد روح مصر القديمة وأصالة أسواقها التقليدية.

منذ اللحظة الأولى لدخول المكان، تستقبل الزائر صفوف من الباعة الجائلين الذين يفترشون الأرض بعناية، عارضين قطعًا صغيرة تجسد جمال الحضارة المصرية القديمة، مثل التماثيل الفرعونية المنحوتة بدقة والبرديات، حيث تعرض كل قطعة كامتداد لصفحات التاريخ، مصممة لتكون ذكرى خالدة.

ولا يقتصر بازار فيلة على كونه سوقًا تقليديًا، بل يشكل رحلة زمنية توثق ملامح الحضارة المصرية القديمة؛ فبين أروقته، يظهر إتقان الحرفيين في نقش الرموز الهيروغليفية على الأحجار الصغيرة، وصياغة التمائم التي ارتبطت بمعتقدات المصريين القدماء في جلب السعادة والحماية. وعلى امتداد الطريق المؤدي إلى مرسى المراكب، تنتشر متاجر تعرض مجموعة متنوعة من الحرف اليدوية المتقنة، وفي هذا الإطار الحيوي، تتعالى أصوات الباعة، داعية الزوار إلى استكشاف المعروضات والانخراط في تجربة تجمع بين التاريخ والحرفية.

ويظهر البعد الإنساني للبازار من خلال التفاعل المباشر مع الباعة، حيث تبرز المساومة الودية والابتسامات المتبادلة التي تتجاوز حدود اللغة، إلى جانب الروايات التي يقدمها الحرفيون عن أعمالهم، والتي تعكس أصالة الحرفة وثراء الثقافة المحلية.

ولا سيما أن هذا السوق المفتوح يُعد جزءًا مهمًا من التجربة السياحية في معبد فيلة؛ فهو لا يوفر فقط منتجات تعكس جمال الحضارة المصرية، بل يسهم أيضًا في دعم الحرفيين المحليين الذين يعملون على إبقاء التراث المصري حيًا من خلال صناعاتهم اليدوية. وهكذا، لا يخرج السياح من المعبد بذكريات فحسب، بل يحملون معهم قطعًا فريدة تنبض بعبق الماضي وروح الفراعنة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللي اختشوا ماتوا" مثل شعبي ارتبط بحادثة الحريق في حمام السلطان اينال

كتبت فرح بهاء: حمام السلطان إينال، من أقدم الحمامات الشعبية في القاهرة، حيث يبلغ عمره حوالي ٧٠٠ عام، ليبقى دليلًا على جمال العمارة في ذلك الوقت، وعادات اجتماعية قديمة اعتادها الناس منذ زمن بعيد. يقع حمام السلطان الأشرف إينال بجوار المدرسة الكاملية في منطقة الجمالية بشارع المعز، ويُعد واحدًا من أهم المعالم الأثرية في القاهرة. بناه السلطان إينال عام ٨٦١هـ / ١٤٥٦م، واستلهم تصميمه من الطراز العثماني الذي كان يُعتمد في بناء الحمامات التقليدية، والتي كانت ترمز إلى الرفاهية والاسترخاء. بدأ السلطان الأشرف إينال حياته في مناصب صغيرة حتى وصل إلى قيادة الجيش في عهد السلطان جقمق، ثم سنحت له الفرصة لتولي حكم مصر بعد خلع السلطان المنصور عثمان بن جقمق. تميّز إينال ببعض الصفات الجيدة، مثل حرصه على تطبيق الشريعة فيما يخص أحكام القتل، وعدم ميله للتملق، لكنه كان أميًا لا يجيد القراءة، حتى إنه لم يكن قادرًا على قراءة الفاتحة، وكانت صلاته سريعة. شهد عصره اضطرابات عديدة، حيث واجه سبع ثورات داخلية بسبب سياسته التي اعتمدت على تعيين المماليك الكبار في السن، الذين عرفوا بتمردهم وفسادهم، على عكس الحكام ال...

المعز: شارع أثري في القاهرة القديمة يضم أكثر من ٢١٥ أثر إسلامي

  كتبت منة الله هاشم: يحمل شارع المعز لدين الله الفاطمي بين جنباته أكثر من ألف عام من الحضارة الأسلامية ليشكل وجدان شعبه، باعتباره أقدم وأطول شارع في العالم تزينه جواهر المعمار الإسلامي، كما يعد أكبر متحف إسلامي مفتوح في العالم ويوجد به حوالى ٢١٥ أثر إسلامي هام ويمتد شارع المعز من باب زويله بالدرب الاحمر مرورًا بالغورية وشارع الصاغة ووصولًا الى باب الفتوح بالجمالية.  يطلق أيضًا على شارع المعز اسم الشارع الأعظم أو بين القصرين أو قصبة القاهرة أو قصبة القاهرة الكبرى، فهو قلب مدينة القاهرة القديمة، يُعد الشارع حاليًا متحفًا مفتوحًا يضم مجموعة من آثار مدينة القاهرة الإسلامية في الفترة من القرن العاشر حتي القرن التاسع عشر بعد الميلاد، فضلاً عن الثراء المعماري وتنوعه بين العمارة الدينية والسكنية والتجارية والخيرية والعسكرية، يقع الشارع داخل نطاق القاهرة التاريخية التي تم إدراجها على قائمة مواقع التراث العالمي عام ١٩٧٩م. يضم الشارع نحو ٣٥ أثرًا إسلاميًا من مختلف العصور منها الفاطمي والمملوكي والعثماني، كما تضم الشوارع المتفرعة منه نحو ٤٣ أثرًا. تتنوع هذه الآثار بين القصور والمنازل وال...

محمود رضوان: أسوان.. مدينة تجمع بين دفء أهلها وثراء ثقافتها، وتجعل الزائر يتطلع دومًا للعودة إليها من جديد

كتب ضياء مصطفي: في الجنوب المصري، حيث تحتفظ أسوان بروح فريدة تجعلها من أبرز مدن مصر تميزًا وجاذبية. وللاقتراب أكثر من تفاصيل الحياة الأسوانية وجمال المدينة، أجرينا حوارًا مع محمود رضوان، أحد أبناء أسوان، ليتحدث معنا عن أسلوب المعيشة، الثقافة المحلية، وأهمية المدينة على الخريطة السياحية. بدايةً، كيف تصف أسوان لشخص لم يزرها من قبل؟ أسوان نموذج فريد لطابع مختلف وروح مميزة. إذ يشعر زائرها وكأنه انتقل إلى عالم آخر، بعيد عن صخب الحواضر الكبرى. يتسم الهدوء فيها بخصوصية متفردة، فيما يتمتع نهر النيل بجمال استثنائي. الحياة بسيطة، وأهلها طيبون للغاية ويحبون مساعدة الآخرين. وتمثل السياحة عنصرًا رئيسيًا في نمط الحياة اليومي بمدينتنا. كيف ترى العلاقة بين أسوان والسياحة؟ السياحة هي شريان الحياة الرئيسي لمدينة أسوان، حيث يعمل غالبية سكانها في أنشطة مرتبطة بها، سواء في تشغيل المراكب النيلية أو إدارة البازارات أو تقديم الخدمات الفندقية. ويحرص السائحون عند زيارتهم للمدينة على خوض تجربة متكاملة، تشمل التنقل عبر المراكب، وزيارة الجزر النيلية، والتعرف عن قرب على العادات والتقاليد النوبية. ما الأماكن التي ين...